تتعدد أمراض الكلام المنتشرة بين الأطفال الصغار، نوجز أهمها: اللجلجة، التلعثم، العيّ، التأتأة، الحذف، الإبدال، التحريف، الإضافة، الحبسة الكلامية، صعوبات اللغة الشفوية. سنتحدث في هذا الموضوع عن اللجلجة وأسبابها وكيفية معالجتها
عيوب اللجلجة في نطق الأطفال
تعتبر اللجلجة من عيوب النطق الواسعة الانتشار بين أطفال المدارس الابتدائية. وبما أن النطق هو أساس في عملية التواصل الاجتماعي، فإن العيوب الكلامية لها دور في تكوين مفهوم الذات لدى الطفل، وبالتالي في الميل الاجتماعي لديه. ومن هنا تأتي أهمية التركيز على هذه المشكلات من أجل مساعدة أطفالنا على النمو النفسي والتكيف السوي.
تعريف اللجلجة
اللجلجة في الكلام هي تكرار الحرف الواحد عدة مرات دون مبرر لذلك، مثل قول “فول” فيرددها الطفل “ف ف ف فول” أو كلمة “وردة” يرددها الطفل “و و و وردة”. وتعد اللجلجة عيباً كلامياً شائعاً بين الأطفال، وأحياناً الكبار. وأسبابها معقدة، ومتشعبة النواحي. توجد بنسب مختلفة بحسب الأعمار والبيئات. واتضح خلال الدراسات أن هناك زيادة ملحوظة في النسبة العامة للجلجة في سن الثامنة. ويعود سبب ذلك إلى أن الطفل يدخل مرحلة نمو جديدة، تتميز بخصائص انفعالية، تؤثر في نموه النفسي.
أسباب اللجلجة
هناك تفسيرات متعددة تتكهن بأسباب اللجلجة لكن أكثر التفسيرات قبولاً وصحة اعتبرت أن أسباب اللجلجة ترجع لأصول نفسية،
ويرجع هذا الاضطراب الكلامي إلى الشعور بالقلق وانعدام الأمن وظروف الحرمان في السنوات الأولى للطفولة.
.1 تظهر اللجلجة في طور الطفولة المبكرة. والقاعدة فيها قائمة على أساس أنها حالة مرض نفسية، تنشأ في الطفولة، ثم تستفحل مع الزمن.
.2 يكابد المصاب باللجلجة قلقاً وتوتراً مردها إلى صراع نفسي ناجم مما ينتابه من شعور بانعدام الأمن.
.3 إذا هدد الاتزان العقلي بأي نوع من أنواع الصراع النفسي لجأ العقل إلى الاحتماء بضرب من التنفيس. وأغلب الظن أن هذه القوة الدافعة، أي قوة الانطلاق الانفعالي قد يلجأ لها في هذا العيب “اللجلجة” ملجأ ملائماً للتنفيس.
.4 هناك أسباب تتعلق بالناحية العضوية، مثل اضطراب وظيفي في آلية الكلام. ويعدّ هذا العامل كثير التكرار.
.5 قصور وظيفي في مجالات الدماغ المسؤول عن الكلام. فالطفل الذي يعاني اللجلجة لديه شعور بتدني قيمة الذات لديه، مما يجعله ضعيف الاتصال بالآخرين وخائفاً من التحدث أمامهم.
أعراض اللجلجة
تعيق اللجلجة تدفق الكلام بالتردد، وبتكرار سريع لعناصر الكلام، وبتشنج عضلات التنفس أو النطق. وتبدو اللجلجة على شكلين مختلفين، هما:
أ. حركات ارتعاشية مكررة.
ب. تشنج موقفي يكون على شكل احتباس في الكلام يعقبه انفجار.
مثال: اللجلجة “م م م محمد”. فالطفل هنا ينطق حرف الميم أو الحاء أكثر من مرة. وإن هذا التشنج الموقفي يظهر بوضوح وجلاء بعد بداية الإصابة باللجلجة بنحو سنة، حيث يحاول الشخص المصاب تحريك عضلاته الكلامية بالضغط على شفتيه. ويبذل جهوداً ومحاولات، لكن طلاقة لسانه تبقى محبوسة. ثم يعقبه انفجار. يرافق اشتداد اللجلجة حركات أخرى لكفي اليدين، أو بالضغط على الأرض بالقدمين، ارتعاش رموش العين والجفون، وإخراج اللسان من الفم، والميل بالرأس إلى الخلف والأمام أو إلى الجانب، إن القيام بهذه الحركات قد يكون له بمثابة عون ومخرج للتخلص من هذه الحالة أثناء احتباس الكلام .
وسائل علاج اللجلجة عند الأطفال
يحتاج علاج اضطرابات وأمراض الكلام إلى صبر وتعاون الآباء والأمهات. فإن لم يتعاونوا، فشل العلاج، أو طال أمده، وينحصر العلاج في الخطوات التالية:
.1 العلاج الجسمي
التأكد من أن الطفل المضطرب لا يعاني من أسباب عضوية، خصوصاً النواحي التكوينية الجسمية في الجهاز العصبي، كذلك أجهزة السمع والكلام، وعلاج ما قد يوجد من عيوب أو أمراض سواء كان علاجاً طبياً أم جراحياً.
.2 العلاج النفسي
وذلك لتقليل الأثر الانفعالي والتوتر النفسي للطفل، كذلك لتنمية شخصيته ووضع حد لخجله وشعوره بالنقص مع تدريبه على الأخذ والعطاء حتى نقلل من ارتباكه. وعلى الآباء معاونة الطفل الذي يعاني من هذه الاضطرابات، بأن نساعده على ألا يكون متوتر الأعصاب أثناء الكلام، حساساً لعيوبه في النطق. بل عليهم أن يعودوه على الهدوء والتراخي، وذلك بجعل العلاقة مع الطفل يسودها الود والتفاهم والتقدير والثقة المتبادلة. كما يجب على الآباء والمعلمين محاولة تفهم الصعوبات التي يعاني منها الطفل نفسياً، سواء في الأسرة أم في المدرسة، وعدم توجيه اللوم والسخرية للطفل الذي يعاني من أمراض الكلام.
.3 العلاج الكلامي
هو علاج ضروري، ومكمل للعلاج النفسي، ويلازمه. ويتلخص في تدريب الطفل، عن طريق الاسترخاء الكلامي، والتمرينات الإيقاعية، وتمرينات النطق، وعلى التعلم الكلامي من جديد بالتدريج؛ من الكلمات والمواقف السهلة، إلى الكلمات والمواقف الصعبة، وتدريب جهاز النطق والسمع عن طريق استخدام المسجلات الصوتية. ثم تدريب المريض لتقوية عضلات النطق والجهاز الكلامي بوجه عام. والقصد من أن يلازم العلاج النفسي العلاج الكلامي هو أن مجرد علاج اللجلجة أو غيرها من أمراض الكلام، إنما نعالج الأعراض دون أن نمس العوامل النفسية التي هي مكمن الداء. ولذلك فإن كثيرين ممن يعالجون كلامياً دون أن يعالجوا نفسياً ينتكسون بمجرد أن يصابوا بصدمة انفعالية، أو أنهم بعد التحسن يعودون إلى اللجلجة. كما أنهم يكونون شخصيات هشة ليست لديهم القدرة على التنافس مع أقرانهم، سواء في المدرسة أم في وسطهم العائلي.
نوجه نظر الآباء والمربين بعدم التعجل في طلب سلامة مخارج الحروف والمقاطع في نطق الطفل، ذلك لأن التعجيل والإصرار على سلامة مخارج الحروف والمقاطع والكلمات من شأنه أن يزيد الطفل توتراً نفسياً وجسمياً، ويجعله ينتبه لعيوب نطقه، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة ارتباكه وتعقيد لحالته النفسية، ويزيد اضطراب النطق. ومع مراعاة أن سلامة مخارج الألفاظ والحروف والمقاطع في نطق أي طفل يعتمد أساساً على درجة نضجه العقلي والجسمي، ومدى قدرته على السيطرة على عضلات الفم واللسان، وقدرته على التفكير، وفوق ذلك درجة شعوره بالأمن والطمأنينة، أو مدى شعوره بالقلق النفسي.
.4 العلاج البيئي
يقصد بالعلاج البيئي إدماج الطفل المريض في نشاطات اجتماعية تدريجياً، حتى يتدرب على الأخذ والعطاء، وتتاح له فرصة التفاعل الاجتماعي، وتنمو شخصيته على نحو سوي، ويعالج من خجله وانزوائه وانسحابه الاجتماعي. ومما يساعد على تنمية الطفل اجتماعياً العلاج باللعب، والاشتراك في الأنشطة الرياضية والفنية وغيرها. هذا كما يتضمن العلاج البيئي إرشادات للآباء القلقين إلى أسلوب التعامل السوي مع الطفل كي يتجنبوا إجباره على الكلام تحت ضغوط انفعالية، أو في مواقف يخشاها. إنما يتركون الأمور تتدرج من المواقف السهلة إلى المواقف الصعبة مع مراعاة المرونة لأقصى حد، حتى لا يعاني من الإحباط والخوف، وحتى تتحقق له مشاعر الأمن والطمأنينة بكل الوسائل.
إرشادات التعامل مع الطفل الذي يعاني اللجلجة
1. اجعله يوجه اهتماماً أقل لذاته بالاستماع إلى ما يقول أكثر من اهتمامه بكيفية قوله.
2. أعطه مجالاً واسعاً للثقة بالنفس.
3. مساعدة هؤلاء الأطفال أثناء حديثهم، وإعطاؤهم الفرصة الكافية للحديث ومساعدة الطفل على التكيف.
4. لا تلم أو تضايق الطفل بسبب اللجلجة، ولا تعطِ كلام الطفل كل الانتباه، وعليك عدم توجيه الانتباه إلى اللجلجة في الكلام على أنها عيباً.
5. توفير الجو له حتى في الصف أو المنزل، والصبر والتروي مع هؤلاء الأطفال، والطلب من التلاميذ عدم النظر بإمعان إلى الطفل أثناء حديثه أمامهم.